كتاب جاء بطريقة عفوية ، لا تريد منه المؤلفة أن يكون علمياً ، ثم نقلت فيه أقوال نساء مختلفات كوسيلة لخلق صوت جماعي يعبر عن النساء اللاتي لا يريدن الإنجاب.. المؤلفة تخلط كثيرا و تتخبط بشكل يصل إلى الضجر فهي لا تبدو مدركة جيداً للذي تريده ، الحسنة الوحيدة هي حديثها عن وسم النساء اللاتي لا يرغبن بالإنجاب بالانانية و الرفاهية ، ولأن المشكلات كثيرة سنقسمها إلى: <b> جعل الاختيار هوية!</b> <b><blockquote>"There are two kinds of inten- tionally childless women - the ones who have always known and the ones who have come to the realisation slowly over time. Rarely is it a 'decision.It's not like deciding if a short haircut will suit you or if you should paint the bathroom teal For me, it wasn't a decision at all. It's a conviction deep in my bones. We can no more row back on that feeling that someone who wants to have children can row back on their deeply held desire for family life." </blockquote></b> ترفض المؤلفة سؤال لماذا و تصر على كونها لا ترغب بالإنجاب ليس لأنها قررت بل لأنها .. مخلوقة بانعدام رغبة ، حين تصبح الهوية مفهوم مطاطي نجد أمثال المؤلفة يدعون لأنفسهم حق تحقيق الميول والرغبة على أرض الواقع دون سؤال و نقاش بل يصبح أي حوار محاولة لنزع الحق ، المرأة الوحيدة التي انعدام الإنجاب جزء من هويتها هي العاقر وليست وحدها بل بجانبها شقيقها الرجل العقيم ، هما فقط من يكون عدم الإنجاب هوية ، أما الأخوة و الأخوات الذين تعمل اعضاءهم التناسلية على إنتاج الحيوانات و البويضات فهم أشخاص مخيرون ومن حقهم الاختيار . لكن لماذا تريد المؤلفة جعل عدم الرغبة بالأطفال هوية؟ رغم أنها لا تجيب إلا أنك تستطيع رؤية سبب منطقي وهي الأمومة حين تصبح هوية ، تضع المنظومة الذكورية المرأة في دور الأم فقط ومن تفكر خارج إطار الطفل و البيت هي امرأة أقل إن لم تكن مذنبة وعليها التوبة، اختصار هوية المرأة بالأمومة يحمل ثقلاً فدور الأم ليس سهلاً متيسر ، لهذا ستجد المرأة نفسها مجبرة على دور صعب قد تفقد بسببه رغبات كثيرة ، الصواب أن لا تكون ردة الفعل خلق هوية مناقضة! ، أن نصنع هويتان إما أم أو امرأة بلا أطفال! .. ردة الفعل هذه ليست طفولية فحسب بل فيها عته و غباء ،الأمومة دور اجتماعي لا يفقدكِ فردانيتكِ . وهناك سبب واقعي وهو التيار الهوياتي الذي أطلقه الشواذ جنسياً ، فالمؤلفة تشجع اختلاف انواع الأسر على أن لا تكون الأسرة البيولوجية هي الأصل ، وأن يكون مفهوم الرعاية بجانب مفهوم الوالدية حين يتعلق الأمر بالاهتمام بالأطفال، فتضع المرأة التي لا ترغب بالإنجاب بجانب الرجل المتحول و المرأة المتحولة و المرأة العاقر!.
خلاصة الكلام هنا أن دعوى الهوية مرفوضة فعدم الإنجاب للقادرين عليه يسمى قرار و أصحاب القرار تكون لهم أسباب خاصة في القبول و الرفض ، وحدهم الذين يولدون بلا قدرة يكون عدم الإنجاب جزء من وجودهم وعليه أي ممارسة تقلل من شأنهم أو تشيطن وجودهم تسمى عنصرية.
<b> وصف النساء بالمخلوق الخطافة</b> مخلوق نصفه امرأة و الآخر طائر يدعى هاربي أو الخطاف ، لم يصف أحد المرأة التي لا ترغب بطفل بهذا الحيوان الاسطوري لكن المؤلفة تعتقد بأن وصف المرأة به يدل على القوة و الصلابة في مواجهة وسمات العار و الاحتقار !
<b>التهرب و عدم المواجهة </b> الأنانية و الإنتاجية و الوحدة ، ثلاثة أمور ينظر إلى المرأة التي لا ترغب بالإنجاب من خلالها ، فيعتقد الجميع أنها تفكر في رغباتها الشخصية فقط بحيث لا تجد في نفسها رغبة في الإهتمام بطفل ولا تريد تحقيق رغبة زوجها بالابوة ، امرأة تهرب من المسؤوليات التي تتجاوز ذاتها ، ترد المؤلفة بأنها تحب رعاية الأطفال والاهتمام بهم و تحب مساعدة الأمهات و كبار السن ، أن فرصة التعاون أكبر حين تقرب من أسرتك امرأة لا ترغب بالإنجاب لأنها ستحب خدمة الآخرين وتملك وقت لذلك ، إذن سيكون الاعتقاد بأن النساء اللاتي لا يرغبن بالإنجاب يوفرون أكثر لأصحاب رؤوس الأموال صحيح ، فهن موظفات أفضل لكونهن متفرغات للإنتاج فليس لديهن مسؤوليات تحتم عليهن تقليص و تخصيص أيام للعمل و الإجازة، ترد المؤلفة بأن هذا ليس بصحيح فلا يجب النظر إلى التي تقرر عدم الإنجاب على أنها موظفة متفرغة فربما لديها شغلها الخاص وتريد له وقتاً وهي تقر وتحترم النساء اللاتي يجدون أنفسهم في وظائفهم لكنها ترفض وضع توقعات إنتاجية عالية على اكتافهن، يعتقد بأن الوحدة ترافق المرأة التي لا تريد طفل لكن المؤلفة ترفض فهي لديها زوجها وغيرها لديهن صديقات . ما الذي تفعله؟ المؤلفة تهرب بهويتها - أو بالأصح برغبتها - من التصور السلبي ، لذلك تنفي الأنانية رغم أن نساء مثلها كثر شجاعات قالن بصريح العبارة نعم .. لا أريد مسؤولية أريد الإهتمام بنفسي فحسب ثم يسردون روتين الأمهات ليقلن في الختام بأنهن أراحن انفسهن، الصراحة مهمه هنا فإن كانت تربية طفل أمراً لستِ قادرة عليه.. أتركيه، لكن المؤلفة ليست بقادرة على الاعتراف بأنها لا تريد أن تهتم بطفل منذ الفجر كي لا تصور بالانانية فتقول سأهتم بأطفالكن يا أمهات! ، ثم موضوع الإنتاجية وهو موضوع شائك حيث يتبنى التيار الهوياتي المسعور رؤية مناهضة للرأسمالية، والنساء اللاتي لا يرغبن باطفال سيأخذن وظائف الأمهات في شركة انتهازية.. وستكون فرصة توظيف الأمهات أقل في سوق تعرض فيه امرأة بلا طفل خدمتها ، الهروب من دعم الرأسمالية بالقول بأنها ستأخذ إجازة أيضا لأنها تريد أن تمارس هواية يضحكني ، ربما من الأفضل أن ترفع عن نفسها الملامة وتشير إلى النظام الذي يضعها محل شقيقتها الأم دون أن تنكر قيمتها في السوق ، ثم الوحدة .. كان بالإمكان المؤلفة أن تجب بعدم الضمان ، لا يمكنك أن تعول على أبدية أي علاقة .. لكنها تدرك ما يمكن أن تفعله العائلة البيولوجية و ثنائية البنوة و الأبوة، المنزل الذي يسكنه طفل يستحيل أن يكون مثل منزل بلا طفل ، الأصوات و الفوضى و العمل المتواصل .. لها طعم مختلف تدركه الأمهات بعدما يكبر آخر أطفالها ، فحين يسألون امرأة لا تريد طفلا لماذا تختار الوحدة دون صحبة ابن في حياتها تجيبهم بأنها في صحبة زوجها ..
الأمر في النهاية أختيار لكن انعدام الشفافية يغضبني ، ثم مهلاً هي اختارت عدم الإنجاب ماذا عن زوجها؟ هل اكتشف هويته حين تزوجها؟ أم أختار البقاء معها على أن يكون أب ؟ ، مسألة الهوية مستفزة .
<b>وضع كل الظلم الذي على المرأة في مواجهة المرأة التي اختارت عدم الإنجاب</b> <b><blockquote>"Don’t be intimidated by all the babies they have/Don’t be embarrassed that all you’ve had is fun" </blockquote></b> الكتاب تضع المؤلفة جميع انواع قهر المرأة في مواجهة قرار عدم الإنجاب وهذا سلوك تحاول فيه خلق نضال و مقاومة أكبر من الواقع ، أن المرأة التي خلقت بامكانية الاختيار لا يمكن لأحد أن يوسمها بالقصور و النقص مثلما توسم المرأة العاقر ، فهذه المرأة لديها سلاح الرفض .. قد قالت لا للتصور التقليدي عن دور المرأة في المجتمع.. قالت لا للامومة، مستفز سلب المرأة العاقر نضالها ليشمل امرأة سليمة فقط لكي تخلق لنفسها سردية نضالية ، الصراع الحقيقي هو وسمها بالشبق و خيانة العرق والأمة - خاصة في الشعوب التي عانت حروباً تطهيرية- ، هذا ميدان الجدل فهي صحيحة البطن يمكنها أن تنجب فكيف تصور بالقصور ! . ثم نجدها تدخل نفسها في معاناة المرأة التي تسعى للاجهاض أو التي تعاني من تدخل الأطباء في صحتها بحيث تشاركهم معاناة التحكم في جسمها، وهذا ليس بصحيح فهي اختارت ولا يمكن لأحد أن يحقنها ببيضة مخصبة! .. المرأة التي بيد الرعاية الصحية علاجها هي التي تعاني من وصاية على الجسد ، ثم يذكرني الأمر حين قررت احداهن التخلص من المبايض فقررت الطبيب اعطاءها فترة تفكير فوجدت في قراره وصاية! ، طبيعي لن يستعجل .. من انسانيته أن لا يستعجل . واخيراً نراها تتسلل إلى المنظومة الفكرية الجندرية لتقول نحن أيضا نوع أسرة مثل نوع الأسرة السحاقية و الأسرة اللوطية و الأسرة المتحولة ، نواجه التصور المحدود للأسرة وحصرها في الأسرة البيولوجية المكونه من الجنسين، لكنها لا تدرك بأنها ليست أسرة أصلا، الأسرة محاضن الأطفال أما الشخصين المتزوجين هما زوجان فحسب ، لا يهمني جدل القيمة بل يهمني هنا ميوعة المفهوم و محاولة المؤلفة صنع سردية المظلومية و القهر !
هذا يدل على عجز المؤلفة في فهم شعور الضغط الذي تمر به لقرار اختارته، فتهرب من الاتهامات الحقيقية الموجهه لقرارها إلى ساحات صراع لا تشملها كي تجد لنفسها فريق تنتمي له وتجد إجابات جاهزه لعدو هي اختارته! ، كان عليها الجلوس مع افكارها ومراجعة أثر قرارها في دعم الرأسمالية وفي تصويرها كامراة شهوانية و تصويرها كخائنة لعرقها الايرلندي.. ليست مسألة وصاية فالعكس صحيح ،ولا مسألة قهر وجودي فهي تستطيع الإنجاب ولا تريد ، ولا مسألة محاربة زواجها لأجل الأسرة البيولوجية لأنها أصلا لا تشكل أسرة مع زوجها .
<b> التعاطف إلى درجة التقزز</b> تكرار المؤلفة أنها في صف الأمهات و تحب رعاية الأطفال وترغب في تسخير وقتها لاجلهم يجعلني اشفق على العجز الفكري الذي وقعت فيه فراحت تكرر على النساء لست عدو انا احبكم! . كان يكفيها مرة واحدة توضح فيها موقفها من الأسرة البيولوجية ، الإصرار على تأكيد أنها ليست خصم مثيرة للشفقة .
اخيراً المؤلفة امرأة تبحث عن القبول ولا تملك شجاعة الاعتراف بأسباب قرارها، قرار الإنجاب يجب أن يكون واعي وكذلك قرار عدم الانجاب، هذا القرار ليس هوية بل اختيار مرهون بظروف الحياة المختلفة ، مثله مثل قرار الزواج .
حين نريد التحدث عن قهر النساء لا نحتاج لخلق سيناريو نجبر به الواقع ، فالواقع فيه من الظلم الموجه ما يكفي .. خسرتني المؤلفة حين وضعت طائفة تحول الفتيات لربات منزل .
التحفة الفنية و عين الأدب الأمريكي.. هكذا توصف رواية شرق عدن ، فهل هناك محاباة للمؤلف؟ أم هناك جهل أدبي ؟ <b><blockquote>" And the Lord set a mark upon Cain, lest any finding him should kill him. And Cain went out from the presence of the Lord and dwelt in the land of Nod on the east of Eden." </blockquote></b> الرواية تعتبر رواية أجيال مما يعني أننا سنتابع عائلة تنمو خلال فترة زمنية طويلة حتى تنتهي العقدة ، في الرواية عائلتين.. هاملتون ذات الأصل الايرلندي و الراوي هو حفيدها ، والأخرى عائلة تراسك التي تتحرك الرواية من خلالها والتي يحاول المؤلف إيقاع الرمزية فيها .
كيف ستحرك الأحداث اذا كان الهدف كتابة سيرة أسرة؟ سؤال مهم كان يجب على شتاينبك التفكير به كثيرا قبل الكتابة ، فالرواية في الواقع لا تحكي عن أسرة بل عن شخصية واحدة فقط ، وهذا الخطأ الفني جر بعده أخطاء كثيرة جعلت الرواية كأنها مسودة أو عمل أول ! . <b><blockquote>"An unbelieved truth can hurt a man much more than a lie. It takes great courage to back truth unacceptable to our times. There’s a punishment for it, and it’s usually crucifixion. I haven’t the courage for that." </blockquote></b> اذا كانت الرواية هشه فما الذي يجعل نقاد و قراء يطيرون بالرواية عشقاً؟ قرب الرواية ، يركز جون شتاينبك على المجتمع الأمريكي الغربي بأفكاره و أعرافه على مدى خمسين سنة تقريباً ، طبيعة المدينة الغربية وما حولها من بيئة جافة مغبرة، التطور العمراني و أثره عليهم و طريقة تنظيم الحياة ، ثم المعاني التي يزرعها جون في الأحداث و الشخصيات.. لم يكن تقديم المعنى يرقى للمعنى نفسه لكن ربما يعاني الأدب الأمريكي في الخمسينات من فقر تعبيري فهذه الرواية وطنية بامتياز ومن الجيد مدحها رغم عيوبها كي تأخذ حيز من الوسط .
<b>مشكلة الراوي : </b> راوي الرواية هو حفيد صموائيل هاملتون من ابنته ، جون شتاينبك.. يكتب المؤلف عن عائلة أمه ويضع نفسه شخصية معهم ، فهو الذي يحكي لنا كل ما يحدث ، وهنا تظهر معضلتان لا يمكن تفاديهما.. الأولى العلمية ، فهو يعرف عن عائلة تراسك أكثر من عائلة أمه بل نجده يعلم تفاصيل دقيقة تجعل فكرة الراوي غير منطقية إلا أن يكون هناك راوي من أبناء عائلة تراسك و آخر من عائلة هاملتون أو راوي واحد يقرأ من وثائق و نقولات الناس عن العائلتين، غير منطقي أن يجهل عن خالته أونا و يعرف ماذا فكرت فيه كاثي في غرفتها بعدما تركها الخادم جو ، كذلك من المنطقي بما أن الراوي أبن عائلة هاملتون أن نرى مشاهد أكثر و معضلات أعمق في عائلته لكن العكس صحيح فنحن نرى عائلة تراسك بشكل أكبر من عائلة الراوي! . فعل ذلك ليلتبس بين صوت الشخصية و صوت المؤلف، أن تصبح له قدرتان .. قدرة التحرك في الداخل و النظر من الخارج ، أن يقول كنت هناك قبلما أكتب ، جميل .. لو كان شتاينبك شخصية بالفعل ، هو لا يتعدى دور الراوي فلا يتحرك في النص ولا يحرك ، لهذا فكرة الصوتين و القدرتين تبدو حلم أو أمنية حاول المؤلف خمشها فضلاً عن الإمساك بها . الأخرى العنصرية، لم أجد أحد ينوه على عنصرية المؤلف ومن يراها يوجهها إلى الفترة التاريخية التي حدثت فيها الرواية ، وهذا ليس بصحيح فالمؤلف يضع نفسه موضع الراوي الذي لا يعتبر شخصية فعلا، لو أراد جعل تلك الأقوال و الأوصاف محكومة بأفكار المجتمع الرجعية فلابد أن نرى رجعية الناطق بها .. لا يمكنك أن تتحدث بعنصرية ثم تبعد الصفة عنك! . من المضحك أن التصوير المحتقر ليس لشخصية رجل أبيض .. فكل رجل أمريكي ذو أصول اوروبية يوصف بطريقة موضوعية ، ثم تأتي النساء فنجده يتحدث عن بنات صموائيل جميعهن في ثلاث سطور بينما أولاده لكل منهم فقرة ، ويلاحظ نمو الإناث بأثدائهن! بل هناك تقييم غريب فالمرأة الحنون سيكتب له ثدي كبير !، ثم يأتي الرجال من الأعراق المختلفة فهناك استهزاء صريح بالسكان الأصليين فيرى بأنهم همج لم يستطيعوا تسمية الأرض حتى جاء الأمريكان ليجعلوا للأماكن مسميات! ولا يصف السود إلا بالزنوج و أخيرا شخصية الأمريكي من أصول صينية الذي جعله رجل صغير لو عانقه شاب يبلغ السابعة عشر لكسر عظمه! ويعمل في المنزل كأنه امرأة عجوز! ..
العجيب أن القراء يتحدثون عن شيطنة المرأة في كتابته لشخصية كاثي وفي التصوير الإيجابي للأمريكي من أصول آسيوية وبأنه قلب الحكمة في كتابته لشخصية لي .. نعم لقد وصف كاثي بالشيطان و الوحش ، نعم لم يذكر أي زاوية إنسانية في حياتها .. لكنه صور حالتها بأمانة، امرأة في حالة نجاة .. تسعى دوما لأمانها تجد نفسها دوما مفعولا بها ، ينقصه فقط أن يكمل عمله ويصورها كلها لا حالتها فقط ، نحتاج رؤيتها كيف تفكر .. مشاعرها و خوفها، سهل جداً تصوير صورة من صور النساء المقهورات ووسمها بالانانية و الوحشية، الصعب جداً أن تنظر إليها كإنسان مقهور وعاجز . لي الفيلسوف و الحكيم الصيني الذي استطاع أن يضع تراجم الإنجيل مع بعضها البعض و يسأل مجموعة حكماء صينيين ليفسروا له كلمة عبرية تغير الحكمة الالهية في قصة هابيل و قابيل .. لي الذي يفكر بدلاً من آدم الشخصية الرئيسية في رواية الأجيال التي تلاحقه هو بدلاً من هدف كتابتها، شخصية لي يبدأ المؤلف معها بصورة الآسيوي الغامض الذي لا تستطيع رؤية مشاعره من عينيه المسحوبة، ثم يحوله إلى ربة منزل همه تجميع السيد و الأبناء على وجبة العشاء ثم ينتهي به إلى رجل ضعيف مضحك يضغط على شباب ناضجين يمكنهم تهشيم عظامه ، حين كتب المؤلف عن التحول اللغوي الذي حصل حين شعر لي بالأمان كنت أعتقد بأنه سيكتب عن معاناة الأمريكي الآسيوي في المجتمع الأمريكي الغربي لكنه خرج بالشخصية إلى مساحة كوميدية بجعله عجوزاً مرة و رجل أقل رجولة مرة أخرى.. خيبة ، إن عدم شيطنة لي لا تعني تصويراً إيجابي.
<b> مشكلات فنية : </b> شخصيات ورقية و غير مكتملة و أخرى بشرية : <b><blockquote>" “Hey,” Cal said, “I thought your name was Joe.” “How do you mean, Joe?” “You told us to call you Joe. Mr. Hamilton says you’re Roy.” Roy laughed and jumped into the roadster. “Know why I say call me Joe?” “No. Why?” “Because my name is Roy.” In the midst of his laughter he stopped and said sternly to Adam, “You get that book under the seat and you study up. Hear me?” “I will,” said Adam."</blockquote></b> سبب الإشكال هنا هو هرمية الشخصيات ، هناك شخصيات اساسية وما تبقى هم شخصيات تدفع الأحداث فقط ، لا تسمى الشخصيات التي تظهر و تختفي شخصيات ثانوية ولا يجب أن تكون شخصيات تلك الشخوص التي تظهر لأجل مشهد ثم تغيب ، مثل شخصية روي الذي جاء ليعلم آدم كيف يستعمل السيارة و شخصية العمدة هوراس وفتيات الدعارة جريس و ايثل ، وكذلك الخادم جو .. قبل أن يصفه بشكل أعمق كي يستخدمه للتخلص من شخصية أخرى ! ، كان بالإمكان الاكتفاء بالإشارة له بوظيفته دون تسميته. بجانب مشكلة تسمية شخوص ليس لهم دور هناك مشكلة العمق ، ليست لكل الشخصيات ذات الأهمية لذلك هناك شخصيات ورقية ، له صفة محددة ستعمل عليها طول العمل مثل الشخصيات النسائية كلهن، العاهرة عاهرة فقط الأم أم فقط و الأخت .. أخت فقط طبعا ، حتى الحبيبة .. صار حبيبها راهب؟ حسنا تحب غيره لأن الحبيبة حبيبة فقط، الأمر ليس ربط المؤلف وجود المرأة برجل بل هو محدودية تصوره عن حياة المرأة، إلا مرأة واحدة ... أمه ، أوليفيا هاملتون التي كتب عنها فصلا كاملاً .. ثم ترجع شخصية ورقية ، يعجبني بر الوالدين . عمق الشخصيات دليل الإستخدام، فحين يطيل في وصف شخصية فهو يريد أن يجعل لها مسار خاص في الرواية ، ففي فصل ٣٣ جعلنا ننظر أعمق لشخصية ديزي و توم ثم قرر أن ينهي مسارهما، وهذا دليل ضعف تركيز المؤلف ، لا يستطيع جون اللاعب بأكثر من واحد وعشرين شخصية ، لا يستطيع تقريب صورتهم البشرية إلا حين يقرر دورهم في المشهد والرئيسي فقط من يحتفظ به لدور جديد .. نقصد آدم فقط.
العجز عن متابعة الفترات الزمنية بين الفصول : لأنه لا يستطيع التركيز على جميع الشخصيات فإن الفاصل الزمني بين الفصول يعتمد على مقدار تركيز المؤلف ، لهذا نقرأ فصول كثيرة تتبع عائلة معينة أو شخصيات معينة ثم ننتقل إلى العائلة الثانية لنجد فاصل زمني بمقدار سنين ، وهذه ليست مشكلة إلا حين ندرك بأن العائلة الثانية لم تتغير ! كأن الزمن توقف بجميع الشخصيات حين كنا نتبع الشخصيات الأخرى، مرور السنين يغير الأعمار لا شيء آخر ، صعوبة التركيز في الكتابة لا يعني عدم القدرة على التفكير بحال الشخصيات الأخرى في نفس الفترة الزمنية التي نكتب فيها عن غيرهم ! ، يولد هذا الانفصال تفككاً في بنية الأحداث وتصبح الرواية وكأنها قصص متفرقة لا وحدة متكاملة ، إن أبسط طرق الربط هو كتابة عبور شخصيات في فصول تتبع الشخصيات الأخرى، أن تجعل الفصول تتحرك على ذات الأرض، شتاينبك حين يكتب ينسى شخصياته التي لا يكتب عنها .. والذي ينساه لوقت طويل يقتله. التخلص من شخصية أم ترك ثغرة؟
هشاشة السرد وتحميل الحوار أكثر مما ينبغي : <b><blockquote>" Cal walked to school with Aron. “You look tired,” Aron said. “Do I?” “I heard you come in last night. Four o’clock. What do you do so late?” “I was walking around—thinking. How would you like to quit school and go back to the ranch?” “What for?” “We could make some money for Father.” " </blockquote></b> لا يحمل النص وصفاً إبداعي إلا حين ينظر إلى الطبيعة أو إلى شخصية واحدة فقط في لحظة هدوء ، الرواية ليست رشيقة و بديعة اللغة ، جون شتاينبك مشغول في ترتيب المشاهد و تحديد المسارات وتخصيص المعاني ، فحين يكتب شخصية يريد استخراج معنى منها فنجدها فجأة ترمي حكمة أو فكرة ، يتحول الأمر إلى مشكلة حين نجد شخصية تلقي محاضرة أو تربط موضوعين ببعض بلا رابط أو تأتي لتترك مشهد ثم تختفي ! ، يزداد سوء السرد حين يفلس فيخرج المؤلف إلى النص ويستخدمه كبديل مما يفقد الشخصيات صورتها البشرية وتعود ورقية . السرد يعجز تماماً في الفصول الأخيرة كأن جون يريد الانتهاء من الرواية بأي شكل .
وهم الرمزية : <b><blockquote> " I believe that there is one story in the world, and only one, that has frightened and inspired us, so that we live in a Pearl White serial of continuing thought and wonder. Humans are caught—in their lives, in their thoughts, in their hungers and ambitions, in their avarice and cruelty, and in their kindness and generosity too in a net of good and evil." </blockquote></b> يتحدث القراء بفخر بأن الرواية ترمز إلى صراع الخير و الشر بشكل عام و في عائلة تراسك ترمز إلى صراع هابيل و قابيل . ترمز؟ أين؟ ان جون شتاينبك يقدم لك بالملعقة ما يقصد أو يريد أن يقصد ، حين تحدث عن غيرة الأخوة أحتاج وقت طويل ليدرك أنها تشبه حكاية أقدم فيقوم بالربط بينهما عن طريق شخصية صموائيل الذي يتفكر بأسم آدم ، ثم نجد المؤلف لا يدري عن ماذا كتب بالضبط فيجعل فصلاً كاملاً يلمح به بأن الحكاية عن الخير و الشر وتخيير الإنسان و يدفع شخصية كايلب إلى الصراخ بأنه لا يريد أن يكون لئيم وهو تحول غريب لشخصية لا تعاني من أي صراع أخلاقي . لم يكن المؤلف بحاجة لأي رمزية فالنص واقعي يصور حياة مجتمع يحاول العيش وسط صعاب مختلفة ، لم توجد أي صراعات أخلاقية، وفكرة الغيرة بين الأخوة تسكن رأس المؤلف فهو لا يكاد يكتب أي أخوة حتى يزرع بينهما التفاضل و الغريب أنه لا يفعل ذلك مع خواله؟ لماذا فقط عائلة تراسك ، الغيرة في عائلة هاملتون ستكون أكثر تعقيداً ويمكنه بها أن يجعل من بنات صموائيل معاني مختلفة.
كوميدية أم سبيستون؟: في منتصف الرواية يقرر المؤلف أن يبتسم القارئ فيضع مشاهد تشبه أفلام هوليوود ، كأن يصرخ أبناء أدم و لي بصوت واحد بتعليمات للأب الذي نسى كيف بشغل السيارة، و أدم الذي تصله رسالة فيتساءل عن أمر المرسل فيخبره لي بأنه ربما مكتوب بالرسالة! ، و توم ودزي حين يقفزان ويغنيان مرحا في المحطة و موظف التذاكر يقول مشيرا لهما " أبناء هاملتون" .. توم و دزي رجل و امرأة في عمر الثلاثين تقريبا! ، ولي الذي يقف أمام آرون مقلداً حركات القتال قائلا بأنه لا يدري ماذا يفعل لكنه سيواجهه! . نضحك؟ . <b> اللامنطقية : </b> لن أحرق الأحداث التي لا تستحق القراءة حتى لكني سأذكر احداثاً غير منطقية تلميحاً ، منها غباء آدم الذي يستخدمه المؤلف بطرق مختلفة منها ليجعل كاثي استغلالية و تشارلز قاسي ثم يعود رجل فطين ثم يجعله معتوه كي يكون لي خادم أمين خدوم ! قتل شخصية نسائية كي يصارع توم هاملتون مزاجه الكئيب فيجد صوت والده في ذهنه يحثه على عدم إحزان العائلة فيكتب لهم توم بأنه اسقطه الحصان على رأسه سقطة مهلكه.. لكن المؤلف يدري ان السقطة المهلكة على الرأس لن تترك ترفع قلم و تكتب رسائل ! مشاعر الابوة التي فجأة أصبحت منتشرة بين الشخصيات كأن يفكر ويل بكايلب كأبن فقط لأنه يحب والده الذي يحب أخوه أكثر منه ، يفكر ويل هذا الشاب يفهمني أكثر من أخوتي .. سيكون أبني! ، و لي ينظر إلى إبرا .. يعترف بأنه يحبها ويريدها ابنته! ، هل هذه أعراض شيخوخة جون شتاينبك؟ كاثي كان لها هدف فعلت من أجله ما فعلت ثم ماذا حدث لها بالضبط؟ الشخصية أصيبت بالنسيان فجأة وصارت الأحداث تجري في اتجاه راكد كأنها قررت الاستقرار لكن السيد إدوارد ؟ .. لم يكتب المؤلف أي سبب لهذا النسيان المفاجئ .. فهل نست كاثي أم نسى جون شتاينبك هدف كاثي؟
ختاماً ، ترجمة الرواية إلى العربية عن طريق فاطمة النعيمي في دار الرافدين ، الترجمة إما أن تكون مهذبه أو عن نسخة إنجليزية حديثة مهذبه حيث نزعت عنها مشاهد و ألفاظ عنصرية. الترجمة جاءت في جزءين من اربعمائة صفحة تباع بمبلغ عشر دنانير كويتية .. مبلغ ضخم لرواية بالية هشه ، من يريد قراءتها أنصح بشراء نسخة مستعملة أو الاستعارة.. لا تصرف مالك وفره.
مجموعة قصصية تحمل سؤال المغفرة و الذنب ، أربع قصص يختلف الذنب فيهم و تختلف طرق المغفرة! . كعادة ايريك شميت يركز في كتابته على الوجدان وفي الحبكة على الالتفاف وقلب السردية ، لهذا نجد في القصص معاني شاعرية و تشبيهات تربط على القلب عواطف مختلفة ، والنهاية تقلب القصة في كل مرة . <b><blockquote> ❞- لم تشفَ؟ - لا ينبغي. - ماذا؟ - جرحي يعجبني. - ماذا؟ - أدلل حزني و أستمسك به . لو زال لأصبحت شقياً. - ولكنك شقي الآن! - ليس بالكيفية نفسها. ثمة شقاء دافئ و شقاء بارد ، الدافئ هو عندما تحب و البارد عندما لا تحب . في الدافئ ، ثمة شخص وفي البارد لا أحد . أن أتألم لغياب إيفا يجعلها حاضرة لدي . وأن أكف عن الألم يفنيها مرة ثانية و يغيبها نهائياً. ❝</blockquote></b> القصص الأربعة تضع يدها على حالات معقدة .. الأولى عن توأم تشعر بأنها نسخة زائدة من اختها الثانية عن شاب شعر بالدونية بين ثلته فيقع تحدي له بأن يضاجع شابة تعاني من إعاقة ذهنية الثالثة عن امرأة تزور مغتصب وقاتل ابنتها في السجن . الرابعة عن طيار ألماني خدم في الجيش النازي يكتشف ذنب ارتكبه فيبحث عن طريقة ليغفر. <b><blockquote> ❞كل واحد منا صعق أثناء الطفولة: عندما يعي المرء فجأة الفضاء الذي يفصله عن العالم ، يدرك أنه موجود على حدة ، مختلف ، جسد مفرد وسط أجساد غريبة ، سياج ذهني فريد . إنه جور الوعي .. هو انبهار لدى بعضهم ، وانحدار لدى بعضهم الآخر . وإن في ذلك رفع ستار عن عالم أولئك، فإن فيه حاجزاً يطوق الآخرين في سجن فالوحدة مملكة يرى منها بعضهم العرش ويرى غيرهم الحدود. ❝</blockquote></b> مجموعة قصصية مميزة تختبر فيك مشاعر جديدة ولعل سؤال المغفرة أصعب من سؤال الذنب .. في الغالب لا يعني الذنب شي أمام حجم أثره في نفس الآخر ثم تطلب منه أن يغفر ذنباً تافه .. ماذا عن حجم الضرر الذي أحدثه التافه؟ من يملك الصلابة الكافية ليغفر؟ .
لا توجد قيمة في الرواية غير اللغة والأمر محزن بحق . <b> عن ماذا الرواية؟</b> عن استاذ تاريخ .. يحفر في حديقته ليجد قبر حسن الصباح شيخ الحشاشين ، يستخرج من القبر مزامير و خنجر .. يذهب بنسخ من المزامير إلى شيوخ البهرة الاسماعيلية ليشرحوا له المكتوب فيجد نفسه في ملاحقات و مطالبات. <b>فشل السرد يستلزم فشل الشخصيات </b> هذه ليست رواية هادي الأولى ولا الثانية فكيف لم ينتبه؟ ، مشكلة السرد لا تخفى .. فهو يكرر المعاني بعبارات مختلفة بل يكرر ذات العبارة مرتين ، لا يركز على بنية الأحداث فهي متسارعة بل مختصرة كأنه يفكر بحدث معين يود الكتابة عنه فيسحق كل الأحداث حتى يصل اليه! ، ففي مائتي صفحة فحسب : 1 تخطف البطل ثلاثة طوائف اسماعيلية! ثلاثة يخطفونه ويهرب ! .. ثلاثة! 2 يسجن وتحدث احتجاجات فيخرج 3 يموت ثلاث رجال بدلاً عنه 4 تعيده السفارة إلى بلده وتستقبله أسرته 5 يكاد يموت خمس مرات تقريباً 6 يدرس المزامير المستخرجة 7 يخوض تحقيقات و استجوابات متكررة . ماذا فعل بالنصف الآخر من صفحات الرواية؟ حشو .. حتى تكون النهاية المنطقية هي الختام ، هل كانت المزامير و حاشيتها سبب هذه الفوضى السردية؟ لا أعتقد.. فاستخدام المزامير كمرجع تاريخي و نبوءة ما كان ليربك سرد الأحداث، المؤلف يجعل إلتقاء الزوجة و العودة للأم في فقرة واحدة و يجعل مشهد إطلاق نار بلا أي هدف ! هذه ليست مشكلة ملحق سرد بل مشكلة تشتت ذهن الكاتب . نتج عن ذلك هشاشة الشخصيات .. لا يبدون كبشر بل كرسوم متحركة.. فالزوجة هي زوجة فقط و الأم عجوز ضعيفة و عبدالعزيز معلم مزوح .. شخصيات معلبة جاهزة للأكل .. حتى البطل! مع جمال اللغة في وصف المشاعر إلا أني لم أصدق الشخصية! .. التعبير شيء و تحرك الشخصية شيء آخر منفصل . <b>رواية يافعين؟ رواية كوميدية؟</b> لا منطق في الرواية.. المشاكل تأتي اعتباطية و معها حلولها بنفسها! ، الشخصية استاذ في الجامعة لكنه يفتقد للتفكير السليم و المنطقي ، مشاهد كثيرة أعتقد بأن المؤلف يريدها أن تضحك القارئ و أخرى يريدها أن تشوقه و تخيفه .. وهذا يعني أنه بتلك المشاهد يكتب للقارئ اليافع .