Scan barcode
A review by moudi
East of Eden by John Steinbeck
challenging
informative
medium-paced
- Plot- or character-driven? Character
- Strong character development? It's complicated
- Loveable characters? No
- Diverse cast of characters? It's complicated
- Flaws of characters a main focus? N/A
2.5
التحفة الفنية و عين الأدب الأمريكي.. هكذا توصف رواية شرق عدن ، فهل هناك محاباة للمؤلف؟ أم هناك جهل أدبي ؟
<b><blockquote>" And the Lord set a mark upon Cain, lest any finding him should kill him. And Cain went out from the presence of the Lord and dwelt in the land of Nod on the east of Eden." </blockquote></b>
الرواية تعتبر رواية أجيال مما يعني أننا سنتابع عائلة تنمو خلال فترة زمنية طويلة حتى تنتهي العقدة ، في الرواية عائلتين.. هاملتون ذات الأصل الايرلندي و الراوي هو حفيدها ، والأخرى عائلة تراسك التي تتحرك الرواية من خلالها والتي يحاول المؤلف إيقاع الرمزية فيها .
كيف ستحرك الأحداث اذا كان الهدف كتابة سيرة أسرة؟
سؤال مهم كان يجب على شتاينبك التفكير به كثيرا قبل الكتابة ، فالرواية في الواقع لا تحكي عن أسرة بل عن شخصية واحدة فقط ، وهذا الخطأ الفني جر بعده أخطاء كثيرة جعلت الرواية كأنها مسودة أو عمل أول ! .
<b><blockquote>"An unbelieved truth can hurt a man much more than a lie. It takes great courage to back truth unacceptable to our times. There’s a punishment for it, and it’s usually crucifixion. I haven’t the courage for that." </blockquote></b>
اذا كانت الرواية هشه فما الذي يجعل نقاد و قراء يطيرون بالرواية عشقاً؟
قرب الرواية ، يركز جون شتاينبك على المجتمع الأمريكي الغربي بأفكاره و أعرافه على مدى خمسين سنة تقريباً ، طبيعة المدينة الغربية وما حولها من بيئة جافة مغبرة، التطور العمراني و أثره عليهم و طريقة تنظيم الحياة ، ثم المعاني التي يزرعها جون في الأحداث و الشخصيات.. لم يكن تقديم المعنى يرقى للمعنى نفسه لكن ربما يعاني الأدب الأمريكي في الخمسينات من فقر تعبيري فهذه الرواية وطنية بامتياز ومن الجيد مدحها رغم عيوبها كي تأخذ حيز من الوسط .
<b>مشكلة الراوي : </b>
راوي الرواية هو حفيد صموائيل هاملتون من ابنته ، جون شتاينبك.. يكتب المؤلف عن عائلة أمه ويضع نفسه شخصية معهم ، فهو الذي يحكي لنا كل ما يحدث ، وهنا تظهر معضلتان لا يمكن تفاديهما..
الأولى العلمية ، فهو يعرف عن عائلة تراسك أكثر من عائلة أمه بل نجده يعلم تفاصيل دقيقة تجعل فكرة الراوي غير منطقية إلا أن يكون هناك راوي من أبناء عائلة تراسك و آخر من عائلة هاملتون أو راوي واحد يقرأ من وثائق و نقولات الناس عن العائلتين، غير منطقي أن يجهل عن خالته أونا و يعرف ماذا فكرت فيه كاثي في غرفتها بعدما تركها الخادم جو ، كذلك من المنطقي بما أن الراوي أبن عائلة هاملتون أن نرى مشاهد أكثر و معضلات أعمق في عائلته لكن العكس صحيح فنحن نرى عائلة تراسك بشكل أكبر من عائلة الراوي! .
فعل ذلك ليلتبس بين صوت الشخصية و صوت المؤلف، أن تصبح له قدرتان .. قدرة التحرك في الداخل و النظر من الخارج ، أن يقول كنت هناك قبلما أكتب ، جميل .. لو كان شتاينبك شخصية بالفعل ، هو لا يتعدى دور الراوي فلا يتحرك في النص ولا يحرك ، لهذا فكرة الصوتين و القدرتين تبدو حلم أو أمنية حاول المؤلف خمشها فضلاً عن الإمساك بها .
الأخرى العنصرية، لم أجد أحد ينوه على عنصرية المؤلف ومن يراها يوجهها إلى الفترة التاريخية التي حدثت فيها الرواية ، وهذا ليس بصحيح فالمؤلف يضع نفسه موضع الراوي الذي لا يعتبر شخصية فعلا، لو أراد جعل تلك الأقوال و الأوصاف محكومة بأفكار المجتمع الرجعية فلابد أن نرى رجعية الناطق بها .. لا يمكنك أن تتحدث بعنصرية ثم تبعد الصفة عنك! .
من المضحك أن التصوير المحتقر ليس لشخصية رجل أبيض .. فكل رجل أمريكي ذو أصول اوروبية يوصف بطريقة موضوعية ، ثم تأتي النساء فنجده يتحدث عن بنات صموائيل جميعهن في ثلاث سطور بينما أولاده لكل منهم فقرة ، ويلاحظ نمو الإناث بأثدائهن! بل هناك تقييم غريب فالمرأة الحنون سيكتب له ثدي كبير !، ثم يأتي الرجال من الأعراق المختلفة فهناك استهزاء صريح بالسكان الأصليين فيرى بأنهم همج لم يستطيعوا تسمية الأرض حتى جاء الأمريكان ليجعلوا للأماكن مسميات! ولا يصف السود إلا بالزنوج و أخيرا شخصية الأمريكي من أصول صينية الذي جعله رجل صغير لو عانقه شاب يبلغ السابعة عشر لكسر عظمه! ويعمل في المنزل كأنه امرأة عجوز! ..
العجيب أن القراء يتحدثون عن شيطنة المرأة في كتابته لشخصية كاثي وفي التصوير الإيجابي للأمريكي من أصول آسيوية وبأنه قلب الحكمة في كتابته لشخصية لي ..
نعم لقد وصف كاثي بالشيطان و الوحش ، نعم لم يذكر أي زاوية إنسانية في حياتها .. لكنه صور حالتها بأمانة، امرأة في حالة نجاة .. تسعى دوما لأمانها تجد نفسها دوما مفعولا بها ، ينقصه فقط أن يكمل عمله ويصورها كلها لا حالتها فقط ، نحتاج رؤيتها كيف تفكر .. مشاعرها و خوفها، سهل جداً تصوير صورة من صور النساء المقهورات ووسمها بالانانية و الوحشية، الصعب جداً أن تنظر إليها كإنسان مقهور وعاجز .
لي الفيلسوف و الحكيم الصيني الذي استطاع أن يضع تراجم الإنجيل مع بعضها البعض و يسأل مجموعة حكماء صينيين ليفسروا له كلمة عبرية تغير الحكمة الالهية في قصة هابيل و قابيل .. لي الذي يفكر بدلاً من آدم الشخصية الرئيسية في رواية الأجيال التي تلاحقه هو بدلاً من هدف كتابتها، شخصية لي يبدأ المؤلف معها بصورة الآسيوي الغامض الذي لا تستطيع رؤية مشاعره من عينيه المسحوبة، ثم يحوله إلى ربة منزل همه تجميع السيد و الأبناء على وجبة العشاء ثم ينتهي به إلى رجل ضعيف مضحك يضغط على شباب ناضجين يمكنهم تهشيم عظامه ، حين كتب المؤلف عن التحول اللغوي الذي حصل حين شعر لي بالأمان كنت أعتقد بأنه سيكتب عن معاناة الأمريكي الآسيوي في المجتمع الأمريكي الغربي لكنه خرج بالشخصية إلى مساحة كوميدية بجعله عجوزاً مرة و رجل أقل رجولة مرة أخرى.. خيبة ، إن عدم شيطنة لي لا تعني تصويراً إيجابي.
<b> مشكلات فنية : </b>
شخصيات ورقية و غير مكتملة و أخرى بشرية :
<b><blockquote>" “Hey,” Cal said, “I thought your name was Joe.”
“How do you mean, Joe?”
“You told us to call you Joe. Mr. Hamilton says you’re Roy.”
Roy laughed and jumped into the roadster. “Know why I say call me Joe?”
“No. Why?”
“Because my name is Roy.” In the midst of his laughter he stopped and said sternly to Adam, “You get that book under the seat and you study up. Hear me?”
“I will,” said Adam."</blockquote></b>
سبب الإشكال هنا هو هرمية الشخصيات ، هناك شخصيات اساسية وما تبقى هم شخصيات تدفع الأحداث فقط ، لا تسمى الشخصيات التي تظهر و تختفي شخصيات ثانوية ولا يجب أن تكون شخصيات تلك الشخوص التي تظهر لأجل مشهد ثم تغيب ، مثل شخصية روي الذي جاء ليعلم آدم كيف يستعمل السيارة و شخصية العمدة هوراس وفتيات الدعارة جريس و ايثل ، وكذلك الخادم جو .. قبل أن يصفه بشكل أعمق كي يستخدمه للتخلص من شخصية أخرى ! ، كان بالإمكان الاكتفاء بالإشارة له بوظيفته دون تسميته.
بجانب مشكلة تسمية شخوص ليس لهم دور هناك مشكلة العمق ، ليست لكل الشخصيات ذات الأهمية لذلك هناك شخصيات ورقية ، له صفة محددة ستعمل عليها طول العمل مثل الشخصيات النسائية كلهن، العاهرة عاهرة فقط الأم أم فقط و الأخت .. أخت فقط طبعا ، حتى الحبيبة .. صار حبيبها راهب؟ حسنا تحب غيره لأن الحبيبة حبيبة فقط، الأمر ليس ربط المؤلف وجود المرأة برجل بل هو محدودية تصوره عن حياة المرأة، إلا مرأة واحدة ... أمه ، أوليفيا هاملتون التي كتب عنها فصلا كاملاً .. ثم ترجع شخصية ورقية ، يعجبني بر الوالدين .
عمق الشخصيات دليل الإستخدام، فحين يطيل في وصف شخصية فهو يريد أن يجعل لها مسار خاص في الرواية ، ففي فصل ٣٣ جعلنا ننظر أعمق لشخصية ديزي و توم ثم قرر أن ينهي مسارهما، وهذا دليل ضعف تركيز المؤلف ، لا يستطيع جون اللاعب بأكثر من واحد وعشرين شخصية ، لا يستطيع تقريب صورتهم البشرية إلا حين يقرر دورهم في المشهد والرئيسي فقط من يحتفظ به لدور جديد .. نقصد آدم فقط.
العجز عن متابعة الفترات الزمنية بين الفصول :
لأنه لا يستطيع التركيز على جميع الشخصيات فإن الفاصل الزمني بين الفصول يعتمد على مقدار تركيز المؤلف ، لهذا نقرأ فصول كثيرة تتبع عائلة معينة أو شخصيات معينة ثم ننتقل إلى العائلة الثانية لنجد فاصل زمني بمقدار سنين ، وهذه ليست مشكلة إلا حين ندرك بأن العائلة الثانية لم تتغير ! كأن الزمن توقف بجميع الشخصيات حين كنا نتبع الشخصيات الأخرى، مرور السنين يغير الأعمار لا شيء آخر ، صعوبة التركيز في الكتابة لا يعني عدم القدرة على التفكير بحال الشخصيات الأخرى في نفس الفترة الزمنية التي نكتب فيها عن غيرهم ! ، يولد هذا الانفصال تفككاً في بنية الأحداث وتصبح الرواية وكأنها قصص متفرقة لا وحدة متكاملة ، إن أبسط طرق الربط هو كتابة عبور شخصيات في فصول تتبع الشخصيات الأخرى، أن تجعل الفصول تتحرك على ذات الأرض، شتاينبك حين يكتب ينسى شخصياته التي لا يكتب عنها .. والذي ينساه لوقت طويل يقتله. التخلص من شخصية أم ترك ثغرة؟
هشاشة السرد وتحميل الحوار أكثر مما ينبغي :
<b><blockquote>" Cal walked to school with Aron.
“You look tired,” Aron said.
“Do I?”
“I heard you come in last night. Four o’clock. What do you do so late?”
“I was walking around—thinking. How would you like to quit school and go back to the ranch?”
“What for?”
“We could make some money for Father.” " </blockquote></b>
لا يحمل النص وصفاً إبداعي إلا حين ينظر إلى الطبيعة أو إلى شخصية واحدة فقط في لحظة هدوء ، الرواية ليست رشيقة و بديعة اللغة ، جون شتاينبك مشغول في ترتيب المشاهد و تحديد المسارات وتخصيص المعاني ، فحين يكتب شخصية يريد استخراج معنى منها فنجدها فجأة ترمي حكمة أو فكرة ، يتحول الأمر إلى مشكلة حين نجد شخصية تلقي محاضرة أو تربط موضوعين ببعض بلا رابط أو تأتي لتترك مشهد ثم تختفي ! ، يزداد سوء السرد حين يفلس فيخرج المؤلف إلى النص ويستخدمه كبديل مما يفقد الشخصيات صورتها البشرية وتعود ورقية .
السرد يعجز تماماً في الفصول الأخيرة كأن جون يريد الانتهاء من الرواية بأي شكل .
وهم الرمزية :
<b><blockquote> " I believe that there is one story in the world, and only one, that has frightened and inspired us, so that we live in a Pearl White serial of continuing thought and wonder. Humans are caught—in their lives, in their thoughts, in their hungers and ambitions, in their avarice and cruelty, and in their kindness and generosity too in a net of good and evil." </blockquote></b>
يتحدث القراء بفخر بأن الرواية ترمز إلى صراع الخير و الشر بشكل عام و في عائلة تراسك ترمز إلى صراع هابيل و قابيل .
ترمز؟ أين؟ ان جون شتاينبك يقدم لك بالملعقة ما يقصد أو يريد أن يقصد ، حين تحدث عن غيرة الأخوة أحتاج وقت طويل ليدرك أنها تشبه حكاية أقدم فيقوم بالربط بينهما عن طريق شخصية صموائيل الذي يتفكر بأسم آدم ، ثم نجد المؤلف لا يدري عن ماذا كتب بالضبط فيجعل فصلاً كاملاً يلمح به بأن الحكاية عن الخير و الشر وتخيير الإنسان و يدفع شخصية كايلب إلى الصراخ بأنه لا يريد أن يكون لئيم وهو تحول غريب لشخصية لا تعاني من أي صراع أخلاقي .
لم يكن المؤلف بحاجة لأي رمزية فالنص واقعي يصور حياة مجتمع يحاول العيش وسط صعاب مختلفة ، لم توجد أي صراعات أخلاقية، وفكرة الغيرة بين الأخوة تسكن رأس المؤلف فهو لا يكاد يكتب أي أخوة حتى يزرع بينهما التفاضل و الغريب أنه لا يفعل ذلك مع خواله؟ لماذا فقط عائلة تراسك ، الغيرة في عائلة هاملتون ستكون أكثر تعقيداً ويمكنه بها أن يجعل من بنات صموائيل معاني مختلفة.
كوميدية أم سبيستون؟:
في منتصف الرواية يقرر المؤلف أن يبتسم القارئ فيضع مشاهد تشبه أفلام هوليوود ، كأن يصرخ أبناء أدم و لي بصوت واحد بتعليمات للأب الذي نسى كيف بشغل السيارة، و أدم الذي تصله رسالة فيتساءل عن أمر المرسل فيخبره لي بأنه ربما مكتوب بالرسالة! ، و توم ودزي حين يقفزان ويغنيان مرحا في المحطة و موظف التذاكر يقول مشيرا لهما " أبناء هاملتون" .. توم و دزي رجل و امرأة في عمر الثلاثين تقريبا! ، ولي الذي يقف أمام آرون مقلداً حركات القتال قائلا بأنه لا يدري ماذا يفعل لكنه سيواجهه! .
نضحك؟ .
<b> اللامنطقية : </b>
لن أحرق الأحداث التي لا تستحق القراءة حتى لكني سأذكر احداثاً غير منطقية تلميحاً ، منها غباء آدم الذي يستخدمه المؤلف بطرق مختلفة منها ليجعل كاثي استغلالية و تشارلز قاسي ثم يعود رجل فطين ثم يجعله معتوه كي يكون لي خادم أمين خدوم !
قتل شخصية نسائية كي يصارع توم هاملتون مزاجه الكئيب فيجد صوت والده في ذهنه يحثه على عدم إحزان العائلة فيكتب لهم توم بأنه اسقطه الحصان على رأسه سقطة مهلكه.. لكن المؤلف يدري ان السقطة المهلكة على الرأس لن تترك ترفع قلم و تكتب رسائل !
مشاعر الابوة التي فجأة أصبحت منتشرة بين الشخصيات كأن يفكر ويل بكايلب كأبن فقط لأنه يحب والده الذي يحب أخوه أكثر منه ، يفكر ويل هذا الشاب يفهمني أكثر من أخوتي .. سيكون أبني! ، و لي ينظر إلى إبرا .. يعترف بأنه يحبها ويريدها ابنته! ، هل هذه أعراض شيخوخة جون شتاينبك؟
كاثي كان لها هدف فعلت من أجله ما فعلت ثم ماذا حدث لها بالضبط؟ الشخصية أصيبت بالنسيان فجأة وصارت الأحداث تجري في اتجاه راكد كأنها قررت الاستقرار لكن السيد إدوارد ؟ .. لم يكتب المؤلف أي سبب لهذا النسيان المفاجئ .. فهل نست كاثي أم نسى جون شتاينبك هدف كاثي؟
ختاماً ، ترجمة الرواية إلى العربية عن طريق فاطمة النعيمي في دار الرافدين ، الترجمة إما أن تكون مهذبه أو عن نسخة إنجليزية حديثة مهذبه حيث نزعت عنها مشاهد و ألفاظ عنصرية.
الترجمة جاءت في جزءين من اربعمائة صفحة تباع بمبلغ عشر دنانير كويتية .. مبلغ ضخم لرواية بالية هشه ، من يريد قراءتها أنصح بشراء نسخة مستعملة أو الاستعارة.. لا تصرف مالك وفره.
<b><blockquote>" And the Lord set a mark upon Cain, lest any finding him should kill him. And Cain went out from the presence of the Lord and dwelt in the land of Nod on the east of Eden." </blockquote></b>
الرواية تعتبر رواية أجيال مما يعني أننا سنتابع عائلة تنمو خلال فترة زمنية طويلة حتى تنتهي العقدة ، في الرواية عائلتين.. هاملتون ذات الأصل الايرلندي و الراوي هو حفيدها ، والأخرى عائلة تراسك التي تتحرك الرواية من خلالها والتي يحاول المؤلف إيقاع الرمزية فيها .
كيف ستحرك الأحداث اذا كان الهدف كتابة سيرة أسرة؟
سؤال مهم كان يجب على شتاينبك التفكير به كثيرا قبل الكتابة ، فالرواية في الواقع لا تحكي عن أسرة بل عن شخصية واحدة فقط ، وهذا الخطأ الفني جر بعده أخطاء كثيرة جعلت الرواية كأنها مسودة أو عمل أول ! .
<b><blockquote>"An unbelieved truth can hurt a man much more than a lie. It takes great courage to back truth unacceptable to our times. There’s a punishment for it, and it’s usually crucifixion. I haven’t the courage for that." </blockquote></b>
اذا كانت الرواية هشه فما الذي يجعل نقاد و قراء يطيرون بالرواية عشقاً؟
قرب الرواية ، يركز جون شتاينبك على المجتمع الأمريكي الغربي بأفكاره و أعرافه على مدى خمسين سنة تقريباً ، طبيعة المدينة الغربية وما حولها من بيئة جافة مغبرة، التطور العمراني و أثره عليهم و طريقة تنظيم الحياة ، ثم المعاني التي يزرعها جون في الأحداث و الشخصيات.. لم يكن تقديم المعنى يرقى للمعنى نفسه لكن ربما يعاني الأدب الأمريكي في الخمسينات من فقر تعبيري فهذه الرواية وطنية بامتياز ومن الجيد مدحها رغم عيوبها كي تأخذ حيز من الوسط .
<b>مشكلة الراوي : </b>
راوي الرواية هو حفيد صموائيل هاملتون من ابنته ، جون شتاينبك.. يكتب المؤلف عن عائلة أمه ويضع نفسه شخصية معهم ، فهو الذي يحكي لنا كل ما يحدث ، وهنا تظهر معضلتان لا يمكن تفاديهما..
الأولى العلمية ، فهو يعرف عن عائلة تراسك أكثر من عائلة أمه بل نجده يعلم تفاصيل دقيقة تجعل فكرة الراوي غير منطقية إلا أن يكون هناك راوي من أبناء عائلة تراسك و آخر من عائلة هاملتون أو راوي واحد يقرأ من وثائق و نقولات الناس عن العائلتين، غير منطقي أن يجهل عن خالته أونا و يعرف ماذا فكرت فيه كاثي في غرفتها بعدما تركها الخادم جو ، كذلك من المنطقي بما أن الراوي أبن عائلة هاملتون أن نرى مشاهد أكثر و معضلات أعمق في عائلته لكن العكس صحيح فنحن نرى عائلة تراسك بشكل أكبر من عائلة الراوي! .
فعل ذلك ليلتبس بين صوت الشخصية و صوت المؤلف، أن تصبح له قدرتان .. قدرة التحرك في الداخل و النظر من الخارج ، أن يقول كنت هناك قبلما أكتب ، جميل .. لو كان شتاينبك شخصية بالفعل ، هو لا يتعدى دور الراوي فلا يتحرك في النص ولا يحرك ، لهذا فكرة الصوتين و القدرتين تبدو حلم أو أمنية حاول المؤلف خمشها فضلاً عن الإمساك بها .
الأخرى العنصرية، لم أجد أحد ينوه على عنصرية المؤلف ومن يراها يوجهها إلى الفترة التاريخية التي حدثت فيها الرواية ، وهذا ليس بصحيح فالمؤلف يضع نفسه موضع الراوي الذي لا يعتبر شخصية فعلا، لو أراد جعل تلك الأقوال و الأوصاف محكومة بأفكار المجتمع الرجعية فلابد أن نرى رجعية الناطق بها .. لا يمكنك أن تتحدث بعنصرية ثم تبعد الصفة عنك! .
من المضحك أن التصوير المحتقر ليس لشخصية رجل أبيض .. فكل رجل أمريكي ذو أصول اوروبية يوصف بطريقة موضوعية ، ثم تأتي النساء فنجده يتحدث عن بنات صموائيل جميعهن في ثلاث سطور بينما أولاده لكل منهم فقرة ، ويلاحظ نمو الإناث بأثدائهن! بل هناك تقييم غريب فالمرأة الحنون سيكتب له ثدي كبير !، ثم يأتي الرجال من الأعراق المختلفة فهناك استهزاء صريح بالسكان الأصليين فيرى بأنهم همج لم يستطيعوا تسمية الأرض حتى جاء الأمريكان ليجعلوا للأماكن مسميات! ولا يصف السود إلا بالزنوج و أخيرا شخصية الأمريكي من أصول صينية الذي جعله رجل صغير لو عانقه شاب يبلغ السابعة عشر لكسر عظمه! ويعمل في المنزل كأنه امرأة عجوز! ..
العجيب أن القراء يتحدثون عن شيطنة المرأة في كتابته لشخصية كاثي وفي التصوير الإيجابي للأمريكي من أصول آسيوية وبأنه قلب الحكمة في كتابته لشخصية لي ..
نعم لقد وصف كاثي بالشيطان و الوحش ، نعم لم يذكر أي زاوية إنسانية في حياتها .. لكنه صور حالتها بأمانة، امرأة في حالة نجاة .. تسعى دوما لأمانها تجد نفسها دوما مفعولا بها ، ينقصه فقط أن يكمل عمله ويصورها كلها لا حالتها فقط ، نحتاج رؤيتها كيف تفكر .. مشاعرها و خوفها، سهل جداً تصوير صورة من صور النساء المقهورات ووسمها بالانانية و الوحشية، الصعب جداً أن تنظر إليها كإنسان مقهور وعاجز .
لي الفيلسوف و الحكيم الصيني الذي استطاع أن يضع تراجم الإنجيل مع بعضها البعض و يسأل مجموعة حكماء صينيين ليفسروا له كلمة عبرية تغير الحكمة الالهية في قصة هابيل و قابيل .. لي الذي يفكر بدلاً من آدم الشخصية الرئيسية في رواية الأجيال التي تلاحقه هو بدلاً من هدف كتابتها، شخصية لي يبدأ المؤلف معها بصورة الآسيوي الغامض الذي لا تستطيع رؤية مشاعره من عينيه المسحوبة، ثم يحوله إلى ربة منزل همه تجميع السيد و الأبناء على وجبة العشاء ثم ينتهي به إلى رجل ضعيف مضحك يضغط على شباب ناضجين يمكنهم تهشيم عظامه ، حين كتب المؤلف عن التحول اللغوي الذي حصل حين شعر لي بالأمان كنت أعتقد بأنه سيكتب عن معاناة الأمريكي الآسيوي في المجتمع الأمريكي الغربي لكنه خرج بالشخصية إلى مساحة كوميدية بجعله عجوزاً مرة و رجل أقل رجولة مرة أخرى.. خيبة ، إن عدم شيطنة لي لا تعني تصويراً إيجابي.
<b> مشكلات فنية : </b>
شخصيات ورقية و غير مكتملة و أخرى بشرية :
<b><blockquote>" “Hey,” Cal said, “I thought your name was Joe.”
“How do you mean, Joe?”
“You told us to call you Joe. Mr. Hamilton says you’re Roy.”
Roy laughed and jumped into the roadster. “Know why I say call me Joe?”
“No. Why?”
“Because my name is Roy.” In the midst of his laughter he stopped and said sternly to Adam, “You get that book under the seat and you study up. Hear me?”
“I will,” said Adam."</blockquote></b>
سبب الإشكال هنا هو هرمية الشخصيات ، هناك شخصيات اساسية وما تبقى هم شخصيات تدفع الأحداث فقط ، لا تسمى الشخصيات التي تظهر و تختفي شخصيات ثانوية ولا يجب أن تكون شخصيات تلك الشخوص التي تظهر لأجل مشهد ثم تغيب ، مثل شخصية روي الذي جاء ليعلم آدم كيف يستعمل السيارة و شخصية العمدة هوراس وفتيات الدعارة جريس و ايثل ، وكذلك الخادم جو .. قبل أن يصفه بشكل أعمق كي يستخدمه للتخلص من شخصية أخرى ! ، كان بالإمكان الاكتفاء بالإشارة له بوظيفته دون تسميته.
بجانب مشكلة تسمية شخوص ليس لهم دور هناك مشكلة العمق ، ليست لكل الشخصيات ذات الأهمية لذلك هناك شخصيات ورقية ، له صفة محددة ستعمل عليها طول العمل مثل الشخصيات النسائية كلهن، العاهرة عاهرة فقط الأم أم فقط و الأخت .. أخت فقط طبعا ، حتى الحبيبة .. صار حبيبها راهب؟ حسنا تحب غيره لأن الحبيبة حبيبة فقط، الأمر ليس ربط المؤلف وجود المرأة برجل بل هو محدودية تصوره عن حياة المرأة، إلا مرأة واحدة ... أمه ، أوليفيا هاملتون التي كتب عنها فصلا كاملاً .. ثم ترجع شخصية ورقية ، يعجبني بر الوالدين .
عمق الشخصيات دليل الإستخدام، فحين يطيل في وصف شخصية فهو يريد أن يجعل لها مسار خاص في الرواية ، ففي فصل ٣٣ جعلنا ننظر أعمق لشخصية ديزي و توم ثم قرر أن ينهي مسارهما، وهذا دليل ضعف تركيز المؤلف ، لا يستطيع جون اللاعب بأكثر من واحد وعشرين شخصية ، لا يستطيع تقريب صورتهم البشرية إلا حين يقرر دورهم في المشهد والرئيسي فقط من يحتفظ به لدور جديد .. نقصد آدم فقط.
العجز عن متابعة الفترات الزمنية بين الفصول :
لأنه لا يستطيع التركيز على جميع الشخصيات فإن الفاصل الزمني بين الفصول يعتمد على مقدار تركيز المؤلف ، لهذا نقرأ فصول كثيرة تتبع عائلة معينة أو شخصيات معينة ثم ننتقل إلى العائلة الثانية لنجد فاصل زمني بمقدار سنين ، وهذه ليست مشكلة إلا حين ندرك بأن العائلة الثانية لم تتغير ! كأن الزمن توقف بجميع الشخصيات حين كنا نتبع الشخصيات الأخرى، مرور السنين يغير الأعمار لا شيء آخر ، صعوبة التركيز في الكتابة لا يعني عدم القدرة على التفكير بحال الشخصيات الأخرى في نفس الفترة الزمنية التي نكتب فيها عن غيرهم ! ، يولد هذا الانفصال تفككاً في بنية الأحداث وتصبح الرواية وكأنها قصص متفرقة لا وحدة متكاملة ، إن أبسط طرق الربط هو كتابة عبور شخصيات في فصول تتبع الشخصيات الأخرى، أن تجعل الفصول تتحرك على ذات الأرض، شتاينبك حين يكتب ينسى شخصياته التي لا يكتب عنها .. والذي ينساه لوقت طويل يقتله. التخلص من شخصية أم ترك ثغرة؟
هشاشة السرد وتحميل الحوار أكثر مما ينبغي :
<b><blockquote>" Cal walked to school with Aron.
“You look tired,” Aron said.
“Do I?”
“I heard you come in last night. Four o’clock. What do you do so late?”
“I was walking around—thinking. How would you like to quit school and go back to the ranch?”
“What for?”
“We could make some money for Father.” " </blockquote></b>
لا يحمل النص وصفاً إبداعي إلا حين ينظر إلى الطبيعة أو إلى شخصية واحدة فقط في لحظة هدوء ، الرواية ليست رشيقة و بديعة اللغة ، جون شتاينبك مشغول في ترتيب المشاهد و تحديد المسارات وتخصيص المعاني ، فحين يكتب شخصية يريد استخراج معنى منها فنجدها فجأة ترمي حكمة أو فكرة ، يتحول الأمر إلى مشكلة حين نجد شخصية تلقي محاضرة أو تربط موضوعين ببعض بلا رابط أو تأتي لتترك مشهد ثم تختفي ! ، يزداد سوء السرد حين يفلس فيخرج المؤلف إلى النص ويستخدمه كبديل مما يفقد الشخصيات صورتها البشرية وتعود ورقية .
السرد يعجز تماماً في الفصول الأخيرة كأن جون يريد الانتهاء من الرواية بأي شكل .
وهم الرمزية :
<b><blockquote> " I believe that there is one story in the world, and only one, that has frightened and inspired us, so that we live in a Pearl White serial of continuing thought and wonder. Humans are caught—in their lives, in their thoughts, in their hungers and ambitions, in their avarice and cruelty, and in their kindness and generosity too in a net of good and evil." </blockquote></b>
يتحدث القراء بفخر بأن الرواية ترمز إلى صراع الخير و الشر بشكل عام و في عائلة تراسك ترمز إلى صراع هابيل و قابيل .
ترمز؟ أين؟ ان جون شتاينبك يقدم لك بالملعقة ما يقصد أو يريد أن يقصد ، حين تحدث عن غيرة الأخوة أحتاج وقت طويل ليدرك أنها تشبه حكاية أقدم فيقوم بالربط بينهما عن طريق شخصية صموائيل الذي يتفكر بأسم آدم ، ثم نجد المؤلف لا يدري عن ماذا كتب بالضبط فيجعل فصلاً كاملاً يلمح به بأن الحكاية عن الخير و الشر وتخيير الإنسان و يدفع شخصية كايلب إلى الصراخ بأنه لا يريد أن يكون لئيم وهو تحول غريب لشخصية لا تعاني من أي صراع أخلاقي .
لم يكن المؤلف بحاجة لأي رمزية فالنص واقعي يصور حياة مجتمع يحاول العيش وسط صعاب مختلفة ، لم توجد أي صراعات أخلاقية، وفكرة الغيرة بين الأخوة تسكن رأس المؤلف فهو لا يكاد يكتب أي أخوة حتى يزرع بينهما التفاضل و الغريب أنه لا يفعل ذلك مع خواله؟ لماذا فقط عائلة تراسك ، الغيرة في عائلة هاملتون ستكون أكثر تعقيداً ويمكنه بها أن يجعل من بنات صموائيل معاني مختلفة.
كوميدية أم سبيستون؟:
في منتصف الرواية يقرر المؤلف أن يبتسم القارئ فيضع مشاهد تشبه أفلام هوليوود ، كأن يصرخ أبناء أدم و لي بصوت واحد بتعليمات للأب الذي نسى كيف بشغل السيارة، و أدم الذي تصله رسالة فيتساءل عن أمر المرسل فيخبره لي بأنه ربما مكتوب بالرسالة! ، و توم ودزي حين يقفزان ويغنيان مرحا في المحطة و موظف التذاكر يقول مشيرا لهما " أبناء هاملتون" .. توم و دزي رجل و امرأة في عمر الثلاثين تقريبا! ، ولي الذي يقف أمام آرون مقلداً حركات القتال قائلا بأنه لا يدري ماذا يفعل لكنه سيواجهه! .
نضحك؟ .
<b> اللامنطقية : </b>
لن أحرق الأحداث التي لا تستحق القراءة حتى لكني سأذكر احداثاً غير منطقية تلميحاً ، منها غباء آدم الذي يستخدمه المؤلف بطرق مختلفة منها ليجعل كاثي استغلالية و تشارلز قاسي ثم يعود رجل فطين ثم يجعله معتوه كي يكون لي خادم أمين خدوم !
قتل شخصية نسائية كي يصارع توم هاملتون مزاجه الكئيب فيجد صوت والده في ذهنه يحثه على عدم إحزان العائلة فيكتب لهم توم بأنه اسقطه الحصان على رأسه سقطة مهلكه.. لكن المؤلف يدري ان السقطة المهلكة على الرأس لن تترك ترفع قلم و تكتب رسائل !
مشاعر الابوة التي فجأة أصبحت منتشرة بين الشخصيات كأن يفكر ويل بكايلب كأبن فقط لأنه يحب والده الذي يحب أخوه أكثر منه ، يفكر ويل هذا الشاب يفهمني أكثر من أخوتي .. سيكون أبني! ، و لي ينظر إلى إبرا .. يعترف بأنه يحبها ويريدها ابنته! ، هل هذه أعراض شيخوخة جون شتاينبك؟
كاثي كان لها هدف فعلت من أجله ما فعلت ثم ماذا حدث لها بالضبط؟ الشخصية أصيبت بالنسيان فجأة وصارت الأحداث تجري في اتجاه راكد كأنها قررت الاستقرار لكن السيد إدوارد ؟ .. لم يكتب المؤلف أي سبب لهذا النسيان المفاجئ .. فهل نست كاثي أم نسى جون شتاينبك هدف كاثي؟
ختاماً ، ترجمة الرواية إلى العربية عن طريق فاطمة النعيمي في دار الرافدين ، الترجمة إما أن تكون مهذبه أو عن نسخة إنجليزية حديثة مهذبه حيث نزعت عنها مشاهد و ألفاظ عنصرية.
الترجمة جاءت في جزءين من اربعمائة صفحة تباع بمبلغ عشر دنانير كويتية .. مبلغ ضخم لرواية بالية هشه ، من يريد قراءتها أنصح بشراء نسخة مستعملة أو الاستعارة.. لا تصرف مالك وفره.