A review by moudi
اللّيالي البيضاء by Fyodor Dostoevsky

emotional lighthearted reflective relaxing sad medium-paced
  • Plot- or character-driven? Character
  • Strong character development? No
  • Loveable characters? It's complicated
  • Diverse cast of characters? N/A
  • Flaws of characters a main focus? Yes

3.0

هذه الرواية هي العمل الرابع لدوستويفسكي ولا يخفى على أحد تشابه حال البطل و حال المؤلف ، لهذا كنت اتفكر هل الرواية تصور حياة المحروم من الحب حتى بعدما يمسك به؟ أم هي عن منطق الحب اللامنطقي ؟ أم كلاهما؟
❞ كان الليل ساحرًا في هذا اليوم، ليل لا يوجد إلا في صبانا أيها القارئ العزيز، حيث السماء مزدانة بالنجوم، منيرة ومشرقة بها، حتى تدفعك عندما تتطلع إليها لأن تسأل نفسك على نحو لا إرادي: أيُعقل أن يحيا بشر من أصحاب الأهواء المتقلبة والنفوس البغيضة تحت قبة مثل هذه السماء؟ يا له من سؤال ساذج أيضًا، ساذج للغاية، لكني أدعو الله أن يُثار هذا التساؤل في نفوسكم أكثر فأكثر. ❝

الليالي البيضاء ظاهرة فلكية شائعة في سماء شمال الكرة الأرضية حيث تضيء السحب في ظلمة الليل لقرب الشمس وكلما ترتفع السحابة كلما زادت نوراً وبياضاً .. لابد أنه أراد بالشمس ذلك الحب الذي يزيل ظلمة حياة الشاب الذي تمضي حياته أمامه خاوية ، بطل الحكاية و راويها متعلق بمدينته سانت بطرسبرغ تعلقاً عاطفي رغم كونه مختلف فهو يعيش بغرفة في الأحياء الفقيرة ولا مصيف عنده حيث يخرج من المدينة و يعود إليها.. هو هنا وفي القاع .. وربما المشكلة أنه حالم .
❞ لأنه انتهى من العمل المزعج، وتحرر منه حتى الغد، وتملكته السعادة مثل تلميذ تحرر من جلسته فوق أريكة الفصل المدرسي، فانطلق للهو والمرح. (...)فهو في هذه اللحظة لا يلتفت نحو كل هذه الترهات؛ لأنه في هذه اللحظة قد صار ثريًّا بحياته الداخلية الخاصة، وأصبح فجأة ثريًّا حقًّا، ولم يتلألأ شعاع الوداع للشمس الخابية أمام ناظريه عبثًا، بل بعث الدفء إلى قلبه، ليحلِّق منه سرب كامل من الانطباعات. وأمسى الآن يلاحظ بالكاد ذلك الطريق، الذي كان يُدهشه سابقًا بأصغر التفاصيل التي تجري عليه. (...) إنه يفكر في كل هذا في ركنه الصغير، حيث يجلس بجواره في أمسية شتوية مخلوق رقيق يصغي إليه فاغرًا فاه، يحملق بعينيه كما تفعلين الآن يا ملاكي الصغير. ولكن لا يا «ناستنكا»، فما شأنه؟ ما شأن هذا الإنسان الشهواني الخامل بهذه الحياة التي نجنح إليها معًا؟ إنه يراها حياة سقيمة بائسة، ولا يتوقع أن تحين يومًا ساعة حزينة، سوف يرغب فيها أن يمنح سنوات حياته الخيالية بأكملها، مقابل يوم واحد من تلك الحياة البائسة، وهو لن يمنحها مقابل الفرح أو السعادة، ولن يرغب حتى بالاختيار في تلك اللحظة من الأسى والندم والحزن.(...) نعم يا «ناستنكا»، عندما يخدع المرء نفسه، يعتقد بصورة لا إرادية أن العاطفة الحقيقية الصادقة تعصف بروحه، ويؤمن بصورة لا إرادية بأن هناك شيئًا حيًّا ماديًّا وملموسًا في خيالاته غير المادية! فيا له من خداع، وعلى سبيل المثال، عندما يغزو الحب صدره بكل السعادة التي لا تنضب، وبكل آلامه المضنية الناعمة، ما عليكِ سوى النظر إليه كي تتيقني! فعندما تنظرين إليه عزيزتي «ناستنكا»، هل تصدقين حقًّا أنه في الواقع لم يعرف تلك التي أحبها في أحلام اليقظة المحمومة؟ أيعقل أنه لم يشاهدها إلا بين تلك الأطياف الفاتنة، وأن تلك العاطفة جاشت بداخله في الحلم فقط؟ ❝

ما سبق يصلح ان يكون مختصراً يصف شخصية البطل ، فماذا لو انبعثت مشاعره هذ المرة من الواقع لا من الخيال؟ وماذا لو كانت هذه المشاعر بنات الحب؟
❞ ‫ كم تجعل الفرحة والسعادة الإنسان جميلًا رائعًا! وكم يفور القلب ويفيض عشقًا، حتى تبدو لك الرغبة أن تسكب كل ما بقلبك في قلب الآخر، وتتمنى أن تغمر الجميع السعادة والبهجة. ❝

الحب شعور عجيب فهو يغير نظرتك للحياة و يجعل قلبك يفيض ،الحب شعور يخرج من ذاتك فتصبح حدود أبعد من جسدك وعقلك فجأة تشعر بأنك أكبر وأجمل ، بطلنا بمجرد أن أحب خرج من الوحدة إلى الاتساع .. لكن الحب بلا منطق
❞ لا تلُمني؛ لأنني لم أخن كلماتي لك. فقد صرحت لك بأنني سوف أحبك، وأنا أحبك الآن بالفعل، بل أكثر من الحب نفسه، يا ربي! لو كان بمقدوري أن أحبكما كليكما في آنٍ واحد! ليتك كنت هو، وليته كان أنت!». ❝

هل ستحبك المرأة التي تنقذها من متحرش؟- وهذا المشهد فيه تحول غير ناضج لشخصية الفتاة من خجولة خائفة إلى جريئة مرحة وهذه سنة الكتابة على ما يبدو فالاعمال الأولى حتى لعمالقة الأدب فيها أخطاء فادحة- هل ستحبك ان شاركتها الهم؟ ان وقفت معها في الشدة؟ ان فتحت لها قلبك ؟ .. هل ستحبك حتى لو كانت تحب غيرك ؟ غيرك هجرها؟ غيرك لم يفكر بها كما فكرت انت؟ لقد احبها البطل كما أحبت هي المستأجر .. لكن حبه الصادق لم يقنعها .. وربما هذا هو قانون الحب .. فالحب لا يكون إلا بطرفين .. ومن يحب وحده ؟ ألا يمكن أن يجعل الآخر يحبه؟ .. دوستويفسكي يجيب بلا .. لكنه يقول في فصل الصباح .. في فصل انتهى السكرة
❞ يا ربي! لحظة بأكملها من النعيم! أليست كافيةً لحياة الإنسان حتى نهايتها؟ ❝


أعمال فيودور الأولى تكشف عمق تفكير الرجل وترى بوضوح تعثرات قلمه.
وأشكر في الختام صنيع المترجم عبدالرحمن عبدالرحمن الخميسي لحرصه على الترجمة و إيصال المعنى ومقدمته التي تجهز ذهن القارئ وتلفت انتباهه .. شكرا له وللمترجمين من اللغة الأصلية الامينين.