A review by moudi
طعم الذئب by عبد الله البصيص

adventurous dark emotional sad tense medium-paced
  • Plot- or character-driven? Plot
  • Strong character development? Yes
  • Loveable characters? It's complicated
  • Diverse cast of characters? N/A
  • Flaws of characters a main focus? Yes

2.75

الرجولة التي كانت في هوامش ذكريات ضالة وضعها البصيص في صدر رواية طعم الذئب .. مما يجعلني أتساءل هل بين روايات المؤلف خطوط متقاطعه؟
وقبل البدء أنصح بمشاهدة محاضرة عن الرجولة في الرواية المعاصرة ، فرغم معرفتي بأن الرواية تتكلم عن الرجولة جعلتني أركز أكثر في اسئلة الرجولة المطروحة 
https://youtu.be/hzNknco8GmA?si=4LYBTII_g3VjlR9P


<b>سؤال ما الرجولة اجتماعياً</b>
<b><blockquote>❞أمسكت كفه اليمنى وضغطتها بيدها وأضافت: 
- يمينك ، يا جنيني ، اجعل فعل يمينك يظهرك بين الرجال 
كان يحدق بها ويشاهد كم تبدو حزينة ويائسة ،ودقات الوشم الخضراء تهتز مرتبكة تحت فمها : 
- لا تسود وجهي امامهن،  ملعونات ، كن يتمنين أباك زوجاً ، لكنه اختارني ، ويردن الان أن يصمن رحمي بالرداءة يا جنيني 
أفلت يده منها وخرج ، تبعته تهمس باكية :
- ألا تريد أن تكون رجلا يا ولدي وترفع رأسي امامهن؟
التفت إليها وهو يكمل طريقه:
- أنا رجل 
صرخت غاضبة : 
- أخبرني أين هي رجولتك؟ .. لا .. لست رجلاً ، أنت جبان ، خاسئ ، نارك لا تشتعل ودلتك لا تفور ، حتى إنك لا ترد الإهانة عن نفسك أمام الفتيان❝</blockquote></b>
هل ذيبان رجل ؟ اختار المؤلف وضع يزيد ضغط السؤال ، فهو بدوي  وفي البادية لصلابة الرجال قيمة ضرورية للحياة وهو أبن فارس مشهور يتفاخر به وهو رجل حساس تؤثر مشاعره على قراراته وهو رجل يخالف قومه في التفكير! ثم أنه جر قومه لمعركة ثأر لم يشارك في غاراتها! و أخيراً .. ذكره ضعيف لا يكاد ينتصب! ، ذيبان يريد السلامة .. العيش بسلام وراحة وسعادة .. ألا يمكنه أن يكون كذلك دون أن يتهم برجولته؟ لماذا ترتبط الرجولة بالعنف و العضلات؟ 
يصفه الجميع وأولهم أمه بالجبن .. بينما يكرر ذيبان بأنه ليس جباناً .. لكنه لا يريد المواجهة فهي تجر إلى الدم ومن يقدم الدم على السلامة؟
 <b><blockquote>❞قلب حياته في ذهنه على عجالة ، محاولا معرفة حقيقة المشكلة معه .. ليس جباناً ، كل ما يشعر به عند كل خطر هو البحث عن السلامة بأقل التكاليف ، في بادية لا يعير أهلها بالاً لسلامة النفس بالقدر الذي يعيرونه لسلامة السمع ❝ </blockquote></b>
<b><u>ملاحظة جانبية :- لمن الاسئلة:
الأسئلة تلك موجهة للرجال .. القارئ المستهدف من العمل ، فالمؤلف لا يجر السؤال إلى قلب المجتمع حيث نسأل عن غياب مفهوم مطابق للرجولة لوصف المرأة المثالية .. حيث لا نمدح فنقول مرأة مثلما نمدح ونقول رجل! ، ولا يوجد سؤال عن ما إذا كانت صفات الرجولة في المرأة ماذا تسمى؟ - مع أنني سمعت من أحدهم مدحه للمرأة الشجاعة فقال رجله! وهو أبن القبائل الجنوبية - ويصدق هذا الغياب في أخت ذيبان ! فقد ذكرها في كلمة وأنتهى أمرها وقد تمنيت لو أنها اتصفت بالشجاعة وكانت باباً نقاش عميق عن مفهوم الرجولة ، حتى غالية وتأثير عاطفة المرأة إتجاه الرجل على مفهوم الرجولة لم يسخره المؤلف لخدمة النص .. ذيبان يعترف بأنه يشك في كونه حب  ما أحسه إتجاه البنت .. أراد أن تحبه هي لكن المؤلف لم يأخذ هذه النقطة لأبعد من اعتراف راعي ربابة . 
هل يجب الحديث عن المرأة كلما تحدثنا عن قضايا الرجل؟ لا .. إن كانت قضية لا تمس المرأة بشكل مباشر .. ومفهوم الرجولة وهو مفهوم لمعنى الرجل المثالي الذي يتفوق على بقية الرجال أسفل الهرم .. ولأنه مفهوم عن الذات وهذه الذات هي زوج المرأة و والدها و أبنها و أخيها فهي معنية بالقضية .</u></b>

هل صدق القارئ ذيبان؟ أنا لم أستطع.. رجل ثلاثيني بدوي يكرر قول السلامة وهو يعيش في البادية ويسمع ما يجرح كرامة البهائم فما بالك بكرامة الإنسان ولا يحرك ساكن! لأنه يريد السلامة؟ بل هو رجل خائف .. يخاف الألم و يخاف الموت، أعترف بذلك في آخر الرواية حين حاول تمييز ذاته عن ذات الذئب وربما يشكل على الاعتراف بأنه يحاول استعادة صورة رسمها له قومه وصدق بها .. لكن أفعاله تصدق تصور القوم .. السلامة لا تأتي فقط من الهروب و الاختباء .. السلامة تأتي إذا دفعت عن نفسك الأذى .. جعله المؤلف يواجه ثم جعله في قمة الخوف يبول أمام الرجال و النساء و الصغار .. غادر ذيبان وهو يقنع نفسه بأنه بال لأنه معسور وليس لأنه خائف .. هل صدق القارئ ذيبان؟

<b>سؤال ما الرجولة فلسفياً </b>
<b><blockquote>❞لكي تكون ذئباً يا ذيبان يجب أن تشعر بأنك ذئب .. سلطان الشعور .. الشعور قبل كل شيء وبعد كل شيء.. هذا العالم يا ذيبان ليس سوى حقيقة ما تشعر به ، كل كائن يكون ما يشعر أنه يكون، انت تكون انت الحقيقي وكل ما سواك يكون أنت غير الحقيقي لأنك انت من تجعل العالم على هذا الشكل او ذاك ، العالم ليس سواك بنحو لا يمكن فصل رؤيتك له عن شعورك به. ❝ </blockquote></b>
بعد المواجهة يغادر قومه لبداية جديدة في الكويت .. يعبر الصحراء ويدور رأسه في دوامة فكرية تبحث عن الخط الفاصل بين الحقيقة و الوهم ، لا يربط المؤلف هذا التساؤل بمفهوم الرجولة إلا لاحقاً في حوار مع الذئب ، إن سؤال الحقيقة و الوهم لا يمس الحياة فقط بل القيم ايضاً .. يكرر ذيبان التساؤل ويجيب الذئب بأنك ما تريد أن تكون .. قل أنا ذيب ، الذئب و الكلب .. الرجل و الرخمة.. ثنائية شكلها أبناء الصحراء ليقسموا الرجال قسمين .. رجل حقيقي ذيبان و رجل أسم فقط كوبان، لكن هل للرجولة صفة موضوعية؟ أم أنها نسبية؟ .. هل يكفي أن يقول الجبان أنا شجاع ليصدق عليه وصف الشجاعة؟ ، هل يجيب الذئب أم أنه يأتي بمفهوم يعزز عنفاً آخر لا بأسم المجتمع بل بأسم الفردانية !  .
هذا الجزء المعنوي من الرواية مرهق لما فيه من التكرار في نفس الفكرة بصور مختلفة ، كنت اتمنى لو كان جزء السؤال الاجتماعي أطول منه حيث تكون ساحة النقاش أكبر و أعنف من هلوسات حمى الصحراء . 


<b>الكتابة السردية و الشخصيات</b>
عبدالله البصيص قلمه رشيق يجعل القراءة متدفقه لكن الرواية فيها تكرار لمعاني بأسلوب مختلفة .. فما يأتي بالحوار يكرره السرد وما يأتي في السرد يكرره بعبارات أخرى، يصل الأمر حتى إلى التعبير .. ذيبان لا يجيد سوى ياربي رباه والقليل من ياويلي ويلاه! ، الوصف أيضا يتكرر حتى صرت اتجاهل جملة كاملة لأنني قرأتها سابقاً ، أزعجني ابخاس الصحراء النجدية حقها ، لم أسمع اللهجة في الحوارات ولم يتحدث عن العرضة التي رقصها ذيبان و الذئب ولم يجسد النفود .. كثبان حمراء لا تكفي .. إن نجد أقدم من الدول القطرية و تاريخ باديتها جميل و مخيف .. نقل البصيص كثرة اللعن لكنهم يملكون لساناً أشرس لا يلعن فقط ، تمنيت لو كانت الصحراء شخصية ، أن نشعر بها حقا وهي تبسط يدها و تقبضها .. و تمنيت لو نسمع صوت خال ذيبان الذي تحمل لأجله و صوت زوجة خالة التي مات لأجله أولادها .. وصوت أمه.. و أخته ، استغربت من شخصية غالية فكيف تترك فتاة تسمح للشباب بتقبيلها! أليس لها أخوة و أب؟ مثلها كانت ستقتل ، ماذا عن رجال القبيلة؟ شخصيات المجتمع البدوي كلها تمنيت لو أننا نمر على أذهانهم فنرى صورة ذيبان عندهم .. و شعورهم نحوه و أفكارهم عنه ، كان بإمكانها أن تكون رواية بطعم الصحراء و قسوة أهلها . 

<b>النهاية : </b>
هل هرب ؟ أم واجه؟ أم أنه نائم في الجحر؟ ، جبان ؟ رجل ؟ مجنون؟ ، لكني تمنيت أن يكون قد جن فعلاً .. كأن يدخل القرية مع جلد انسان بدلاً من ذئب ، كنت أريد نتيجة حقيقية لهلوسات الصحراء التي لم تقدم لسؤال الرجولة شيء .. و تمنيت أن يعرض لمحكمة ولا يصدقه أحد بعدما يشهد عليه رجل من قومه بأنه ذيبان .. أو يقتل ظلماً في مفارقة مؤلمة فهو الذي لم يقتل بمن قتل يقتل الآن بمن لم يقتل .. النهاية مفتوحة ليجيب القارئ .. هل صدقت ذيبان؟. 

Expand filter menu Content Warnings